حتى وقت ليس ببعيد، لم يكن لدي أو لدى نباتاتي الكثير ليقوله أحدنا للآخر. في الواقع لم يكن لدينا أي شيء. لم أتحدث إلى النباتات وهي بدورها لم تتحدث إلي.
اليوم، أدخلتني نباتات الكروتون الخاصة بي إلى عالمها، أبهجتني وأمطرتني بمعلومات حديثة عن صحتها وسعادتها ووضعها العام. ربما لذلك علاقة بجلوسي أمام شاشة الكمبيوتر طوال هذه السنوات. فهذه النباتات تتمكن من الوصول إليّ عبر البريد الإلكتروني، بواسطة رسائل قصيرة مرسلة عبر الشبكة الاجتماعية البارزة Twitter.
في أواخر الأسبوع الماضي، قالت لي «إسقِني أرجوك». وخلال عطلة نهاية الأسبوع أعادت النباتات الكرّة. في الرسائل، بدا وكأنها تنادي آملةً بلفت انتباهي إلى ضرورة ريّها، مستعينة بأحرف مائلة سوداء لتقول: «طارئ، إسقِني».
لسوء الحظ لم أكشف لها عن أي بادرة حب حتى يوم الإثنين الفائت عندما لاحظت أخيراً نداءاتها اليائسة للفت انتباهي. شعرت بأنني في حالة فظيعة وهرعت إليها بكوب كبير من المياه. فيما كنت أسكبه بتمهّل في الحوض، امتصّ التراب الجاف كل نقطة ماء. ولدى عودتي إلى مكتبي كانت أرسلت إليّ رسالة أخرى تقول: «شكراً لأنك سقيتني».
علاقة مميّزة
ابتكرت شركة Botanicalls هذه التكنولوجيا التي تسمح لنا بإقامة علاقات مميزة مع نباتاتنا المنزلية. وتبيع الشركة أجهزة بقيمة 99 دولاراً لهذه الغاية.
لا يتعلق هذا الابتكار بغرض جذب المتعمقين في مجال الزراعة أو البستانيين، فالبعض يرى أن Botanicalls ترسم الموجة التالية في التكنولوجيا التجارية: أجهزة لا تسمح لنا بالتفاعل أحدنا مع الآخر فحسب بل أيضاً مع منازلنا وحيواناتنا الأليفة ومقتنياتنا.
يدرس شون فان إيفري صفاً في جامعة نيويورك باسم «أعد طلب الرقم» Redial، صف يبحث في طرق جديدة لاستعمال الهاتف، وحول هذه الموجة الجديدة من التكنولوجيا يقول: «أرى أن التكنولوجيا برمتها تحاول أن تتطوّر قدر المستطاع كي تسمح لنا بأكبر قدر من التفاعل مع محيطنا».
يجد فان إيفري قدرة كبيرة في السوق على القبول بهذه الفكرة؛ في قطاع الألعاب مثلاً، حيث يمكن للعبة أن تكون موجودة في العالم الحقيقي والخيالي، أو حتى في قطاع الهواتف الخلوية حيث يستطيع الناس الاتصال بمنازلهم لتفقّد ثلاجتهم أو الحيوان الأليف الذي يقتنونه
نباتات ناطقة
Botanicalls من بنات أفكار ثلاثة تلامذة يشاركون في برنامج الاتصالات المتفاعلة في جامعة نيويورك، برنامج للمتخرجين يُعطى في قسم الفنون التابع للجامعة ويمتد على سنتين. ظهرت الفكرة عندما كان تلامذة جالسين في مكتبهم في نيويورك وهم مشتاقون إلى الطبيعة كثيراً. فكّر البعض منهم في إحضار نباتات، ورأى البعض الآخر أن أحداً لن يتذكر سقيها وستموت.
تتذكر كايت هارتمان، أحد الشركاء الثلاثة في Botanicalls: «في نهاية المطاف خطرت لنا فكرة، ماذا لو أن النباتات تتصل بنا هاتفياً؟ ماذا إن أجبنا على الهاتف لنجد أن المتصل هو النباتات التي في الحوض عند النافذة، وذلك لتطلب منا أن نسقيها؟».
استعمل الجيل الأول من تكنولوجيا شركة Botanicalls الهاتف. ثبّت مبتكروه مجساً لمعرفة الرطوبة في تراب النباتات ونقل المعلومات إلى رقاقة صغيرة جداً. ترسل الرقاقة بدورها المعلومات عبر الإنترنت إلى الهاتف الذي سيرن ويرد شخص ما وسيكون على النبتة أن تقول بلغتها الخاصة والمميزة بضع كلمات عن وضعها.
تستند الآليات الأساسية التي تكمن وراء ابتكارات Botanicalls إلى التكنولوجيا المعتمدة في الأنظمة المتوافرة في السوق راهناً، أجهزة إنذار تتصل بدائرة الشرطة أو الإطفاء، أو أغراض تسمح لنا بالاتصال بمنازلنا لتشغيل جهاز التدفئة، أو تشغيل سيارتنا في يوم بارد.
ولأن الجهاز الذي يُستعمل للنظام الهاتفي باهظ، لم تكن فكرة بيعه عملية. في هذه المرحلة ابتُكِرَت طريقة شبكة Twitter التي طُرحت في الأسواق السنة الماضية. في هذا المجال، توضح هارتمان: «هذه الطريقة أسهل وأبسط. مع الهاتف كنا بحاجة إلى خادم Server وكان إجراء الاتصالات أمراً مكلفاً جداً. لكن مع Twitter الأمر مجاني والجهاز يتصل مباشرة بالشبكة».
حديثاً، كجزء من مهرجان «كونفلوكس» في نيويورك، رعت Botanicalls جولة هاتفية على النباتات المحيطة بمركز المؤتمر حيث أقيم المهرجان. اتصل الناس المشاركون في الجولة بخط هاتفي خاص بالشركة ليسمعوا نباتات وأشجار مختلفة تتحدث عن نفسها.
تقنيات حديثة
قد تبدو هذه التكنولوجيا في متناول الجميع، لكن ذلك غير صحيح. فهي تستلزم منك قدرة على البرمجة إذا أردت توسيع اللغة التي تستعملها نباتاتك مثلاً. على رغم ذلك باعت الشركة عشرات المنتجات وأثارت اهتمام المنشورات التي تتوجه إلى من يعتمدون التقنيات الحديثة وأولئك الذين يحبون القيام بكل شيء بنفسهم.
تعتقد هارتمان أن الجمهور المثالي لـ Botanicalls هم أولئك الذين يحبون القيام بكل شيء بنفسهم، أشخاص أذكياء مهتمون بالعناية بالحدائق ويحبون أن يصبحوا بستانيين ويعتمدون على التقنيات الحديثة.
تتابع هارتمان: «ما زلنا في المرحلة الأولى من اعتماد هذه التقنية. الآن إنها وسيلة لري النباتات ووسيلة للتحادث، طريقة للتفكير في التكنولوجيا ودورها في حياتنا».
يلتزم من يشتري الأغراض التي تبتكرها Twitter بأن يتتبع أخبار النباتات الأخرى عبر هذه الشبكة. وترى هارتمان التي تتابع أخبار نبتة والدها: «تساهم هذه الطريقة في تشكيل ديناميكية اجتماعية غريبة. أعرف من خلالها ما إذا كان والدي يعتني بالنبتة أم لا».
تعكس Botanicalls أيضاً ارتياحاً متزايداً يشعر به الناس تجاه التكنولوجيا، فبفضل هذه الشركة يستطيعون الإمساك بالجهاز الإلكتروني الذي على شكل ورقة شجر وتفقّده...
يشير روب فالودي، أحد مؤسسي الشركة، وهو يدرّس الآن في جامعة نيويورك، إلى أن أحد الشراة استعمل هذه التقنيات على نبتة اشتراها من متجر IKEA. برمج الرجل الجهاز كي تتمكن النبتة من «التحدث إليه» باللغة السويدية. وأجرى آخرون بعض التعديلات بطريقة تمكّنهم من التعامل مع أكثر من نبتة