هل تعرف أن بيتك يمكن أن يؤثر على حالتك المزاجية، إما بالإيجاب أو السلب؟ نعم، فإن الأماكن تتمتع بنوع من القوة أو «الكارما» التي يمكن أن تجعلك سعيدا أو متوترا بدون أن تفهم السبب. بعبارة أخرى، فإن المقصود، ليس قوة مادية خاصة بالوجود ذاته فحسب، وإنما أيضاً قوة عاطفية بإمكانها تغيير الحالة المزاجية والنفسية بمجرد دخوله. وعندما لا نستغل هذا الأمر لصالحنا، فإننا نهدر بذلك فرصة لإدخال طاقة إيجابية في حياتنا، خصوصا أن الأمر ممكن وفي متناول اليد، عن طريق ما يعرف بالفونغ شواي. وهو علم صيني قديم جدا يهتم بطاقة المكان، من خلال طرق ترتيب البيت وتصميمه ووضع أثاثه، بموازنة الطاقة من حول الإنسان وتعديلها، وتحويلها إلى طاقة إيجابية. والطاقة المقصودة هي المتولدة من الأثاث والعوامل المحيطة بالإنسان. ويزعم المؤيدون لهذا العلم أنه يحل بعض المشاكل الصحية والعاطفية والمالية، أو على الأقل يحسنها. ويعود معنى كلمة «فونغ شواي» إلى كلمة «فونغ» وتعني الريح أما «شواي» فتعني الماء، وفي الثقافة الصينية الريح الهادئة والماء العليل ارتبط دوما بالصحة والحصاد الجيد. ويبدأ علم «الفونغ شواي» من اختيار موقع المنزل والوسط المحيط به، وقياس تأثير المجالات الكهرومغناطيسية، إلى المواد المستخدمة في البناء، مرورا بدراسة توزيع غرف المنزل ومساحتها ومستوى الإضاءة فيها والتعرض للشمس والتهوية، حيث ينعكس كل ذلك على طاقة سكان المنزل الصحية والنفسية.
في السعودية يعتبر الأمر جديدا للغاية، ولم يعرف نفس الانتشار الذي عرفه في الغرب، حيث تقول إيمان وهي ربة منزل، إن صديقة لها أهدتها كتابا يتحدث عن هذا العلم، وبعد قراءتها له، قررت أن تبحث أكثر فيه. ولم يقتصر الأمر على القراءة والبحث بل قررت دخول دورة قصيرة لتتعلم أصوله، وكيف يمكنها تطبيقه في منزلها. وبالفعل بدأت في تطبيق بعض ما درسته في منزلها، وكانت النتيجة مدهشة، فقد تولدت لديها راحة نفسية وصفاء ذهني، بالإضافة إلى استشعار بقية أفراد أسرة لتلك الراحة، مبينة أن كل ما قامت به أشياء بسيطة، مثل تغيير مواقع الأثاث وإضافة النباتات الطبيعية وحوض سمك ونافورة ماء ومرايا، كما وتخلصت من بعض الأثاث والفوضى، وكانت النتائج مذهلة للغاية.
من جهتها، قالت نورة الخليفة، مديرة قسم التعليم الذاتي لمهارات الاتصال في جامعة الملك سعود السنة التحضيرية للبنات، ومدربة في القطاع الخاص، إن علم «الفونغ شواي» باختصار هو علم يدرس طاقة المكان، وبالعامية يقال إن الأرض هذه «مبروكة أو خصبة» والمقصود بذلك أن إنتاجيتها جيدة لأن طاقتها عالية، فهناك بيوت تشعر بالراحة والانشراح عند دخولها، ولا تعرف لذلك سببا، كما يوجد على النقيض من ذلك بيوت بمجرد أن تطأها قدماك يتولد لديك شعور بالثقل وعدم الراحة بدون سبب واضح، رغم أن ديكوره قد يكون مكلفا.
وتشير الخليفة إلى أن علم طاقة المكان يبدأ من اختيار الشخص لمنزله أو مكتبه أو أي مكان آخر، وهذا لا يعني أنه إذا قام الشخص بشراء منزل ووجد أنه غير مريح، يقوم ببيعه، بل كل ما عليه هو القيام بتعديلات طفيفة على بعض الأشياء الموجودة بطرق مدروسة من شأنها أن تجعله إيجابيا، قد تكون مجرد إضافة النباتات واللوحات والأشكال الهندسية وتغيير الألوان، والتأكد من توفر تهوية جيدة، وكذلك تعطير الغرف بالروائح الزكية، والماء على شكل «نافورة». في حين تتمثل أهم النصائح في الابتعاد عن النزاعات والخلافات، حيث إن الأصوات لها ذبذبات تنتقل وتترسب في الجدران والأرضية، ولذلك يجب تنظيف البيت جيدا وتهويته للتخلص من هذه الترسبات التي تضفي ثقلا على المكان بالإضافة إلى التخلص من الأثاث والأدوات القديمة، التي لا حاجة لها. وتشير الخليفة إلى أن الاهتمام بتطبيق علم طاقة المكان، يجعل البيت بمثابة واحة مريحة للأعصاب، كما أن الطاقة الإيجابية والهواء المتجدد يساعد على بناء خلايا الجسم.
وأكدت أيضا أن أهم غرفتين يجب الاهتمام بهما في البيت، هما غرفتا النوم والمعيشة. فهذه الأخيرة هي الغرفة التي تجتمع فيها العائلة، وبالتالي يجب أن تكون ألوانها مريحة تساعد على التواصل والتعبير عن المشاعر والآراء بوضوح. وفي هذا السياق تنصح الخليفة بأن يكون لون الجدران فاتحا سواء أبيض أو بيج، والأرضية كذلك تكون فاتحة، ويمكن إضافة الألوان للإكسسوارات واللوحات الفنية، مثل اللون الأخضر والذي يعبر عن التسامح.
أما في غرفة النوم فتوضح، أن اتجاه السرير مهم جدا، ويختلف من مدينة لأخرى، ففي مدينة الرياض مثلا يفضل وضع السرير في اتجاه القبلة ـ أو في اتجاه الجنوب للشباب، لأن ذلك يشحنهم بالطاقة، أما كبار السن فيفضل وضع السرير في اتجاه الشمال لأن ذلك يساعد على الراحة والنوم الهادئ.
وترد الخليفة على من ينكر وجود هذا العلم أو يكذبه، بأنه موجود ومطبق في حياتنا بتلقائية، وبدون أن نشعر بذلك، مثل اهتمامنا بالنباتات وزرعها في بيوتنا، والنافورات وغيرها.